المقاصد.. مدرسةٌ تحولت لمستشفى في ليلة واحدة!

30/3/2018

الجزيرة– آية الناشف

حيث يقع جبل الزيتون، انتصبت هذه المدرسة المهجورة فوق ربوته المقابلة تماماً للمسجد الأقصى المبارك والمشرفة عليه بدقّة، اعتاد المارة على رؤيتها خالية مهمّشة غير مسكونةِ ولا مستثمرة، إلى أن أشرق يوم من أيام سنة عام 1967م حيث احتلت ما تسمى “إسرائيل” القدس الشرقية والمسجد الأقصى إثر الهزيمة التي منيت بها الجيوش العربية آنذاك، وكعادته سعى الاحتلال الغاصب للسيطرة على كلّ ما يمكّنه من إطلاق رقابته على المنطقة وحواريها، فكانت المدرسة التي نتحدث عنها إحدى أهدافه، حيث عزم على تحويلها لمركز شرطة أو برج للرقابة على الحي -حي الطور- والأقصى.

لكن ما لبث أن وصل النبأ إلى أهالي الحي، وأدركوا عزم الاحتلال على تحويل المنطقة لقاعدة عسكرية يشرف من خلالها على المسجد الأقصى، فاجتمع الأعيان لتداول الموضوع والبحث في شأن مواجهة هذه الخطوة. اقترح أحدهم في نهاية الأمر فكرة تبدو للوهلة الأولى أنّها مستحيلة “تحويل هذه البقعة المهجورة إلى مستشفى وخلال يوم واحد!” لكن من يعرف العقلية المقدسية يدرك تماماً ألّا موضع للمستحيلات في قاموسهم، فحين يتطلب الأمر يستخدمون أسلوب “الخاوة المقدسية” مع المحتل لإفشال مخططاته ودحض ممارساته.

وفعلاً هذا ما حصل، فقد أيّد الجمع الفكرة، ومع حلول الليل ذهب كلٌّ إلى بيته وعاد ومعه شيءٌ من مستلزمات المستشفى، فهذا جاء بسرير وذاك بجهاز لقياس الضغط والسكري والآخر بملابس طبية وأدوية، وأحدهم تظاهر بأنّه طبيب وغيره بأنّه ممرض، ولم ينسوا بالطبع المرضى. ومع بداية اليوم التالي كان المكان قد أصبح مركزاً طبياً عامراً -وإن كان بأدوات بسيطة- فلما جاءت قوات الاحتلال لتضع يدها عليه صُدمت مما رأت فهذا ذاته الذي كان بالأمس فارغاً اليوم أضحى مستشفى! ثمّ ما كان منهم إلّا أن غادروا الحي جارين وراءهم أذيال الخيبة، عائدين بخفيّ حنين؛ لأنهم لن يتمكنوا من مصادرته على هذا الحال.

تحوّل المكان فيما بعد إلى مستشفى حقيقي والمعروف اليوم بـ”المقاصد” التابع لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، فعالج آلاف الجرحى وشيّع مئات الشهداء، وداوى آلاف الحالات المرضية من الداخل المحتل والضفة والقطاع. هذه القصّة التي سمعتها مرات عديدة ما انفكت تعزّز من يقيني بأنّ الشعب هو من يحدد المصير ويختاره، فلو يئس أهالي الحي وتركوا المدرسة فارغة لأخذها الاحتلال بكلّ بساطة وما توانى عن السيطرة عليها وتهويدها للحظة، لكن حصل عكس المتوقع لأنّ الإرادة المقدسية جعلت المستحيل ممكناً ولم تذر المكان لقمة سائغة في جوف المحتل.

شاهد أيضاً

لجنة اردنية تجمع 200 الف دينار لدعم مستشفى المقاصد

عمان – “القدس” دوت كوم– منير عبد الرحمن- قال الدكتور رائف فارس رئيس لجنة دعم …