القدس المحتلة-راية:
فداء الرويضي-
أربع ساعات، دخلت أية لغرفة العمليات ، ثلاثة ، أدوات حادة وصلت قلب أية الصغير، ساعتين، أية لا تشعر بما حولها، وكميات الدم التي تلزمها خلال العملية جاهزة بعد أن تبين أنها تعاني من خلل في الجهاز الدموي قد يشكل خطرا على حياتها، تبقى ساعة، أطباء حولها يستخدمون تقنية القلب النابض، فبقي قلب أية نابضا طيلة مدة العملية، وأخيرا تم استئصال الصمام الذي تمت زراعته في العملية السابقة حيث كان متحجرا، وتم زرع صمام أكثر جودة وأمانا على حياتها، ونجحت العملية ..
أية جهالين التي بدأ قلبها ينبض قبل سبع سنوات حين ولدت، ورافقها عيب خلقي نادر في قلبها، حيث ولدت بثلاثة صمامات للقلب بدلا من أربعة مما أدى إلى حدوث خلل في جهازها الدوري كاد يودي بحياتها، وولدت بشريان كبير واحد بدلا من اثنين منفصلين لنقل الدم إلى الرئتين والجسم، مما يؤدي إلى خروج الأوعية الدموية الكبيرة من القلب، أجرت أية عمليتين في مستشفيات “اسرائيلية” إلا أنها ظلت بحاجة إلى زراعة صمام يجنبها إجراء المزيد من العمليات.
يقول خالد جهالين والد أية:” حين كبرت أية بات الصمام الصناعي الذي ركب لها في العملية السابقة لا يضخ كما يجب، فتوجهنا الى مستشفى المقاصد الذي ولدت فيه أية، والتقينا البروفيسور نزار حجة، الذي تابع حالة أية لأربع سنوات، إلا أن قرروا قبل عشرين يوما أن تخوض العملية الجراحية”.
يضيف جهالين:”أية ذكية جدا، لا تشعر أن شيئا ما ينقصها، إلا أنها تشعر كثيرا بالتعب، كانت تحلم أن تلعب كما الأطفال في عمرها، وكان أقصى حلمها أن تشارك طلبة صفها في حصة الرياضة، لكنها كانت لا تستطيع، فهي تشعر بالتعب الشديد ان بذلت مجهودا”.
أية هي أخر العنقود في عائلتها المكونة من فتاة وأربعة فتيان، تحلم أن تصبح طبيبة في المستقبل، فهي التي قضت نصف عمرها في المشفى بين الأطباء والممرضين الذين باتوا جميعا يعرفونها ويحبونها كما قال والدها.
الدكتور نزار حجة الذي قاد طاقم من قسم جراحة قلب الأطفال في مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، والذين تمكنوا من إنقاذ حياة أية بعد إجراء عملية دقيقة وصعبة، يقول لراية:” هذه العملية يجب إجراءها عند ولادة الطفل إذا كان وزنه كافيا، لم يجروا العملية لأية، وما فعلوه هو أنهم أغلقوا الشرايين ووضعوا لها صماما إضافيا، بقي التضيق موجودا، حاولنا فتحه بالقسطرة لكن دون جدوى”.
يضيف الدكتور حجة:” كانت الالتصاقات بين القفص الصدري لأية وقلبها كبيرة جدا، لدرجة عدم استطاعة التمييز بينهما، تم تأجيل العملية الجراحية لعام ونصف، كنت خائفا أن يقوم البطين الأيمن بضخ الدم بشكل عال ما يؤدي الى تضخم القلب، وعادة فالقلوب المتضخمة عند توقفها خلال العملية يصعب أن تعود للنبض، واحتمالية المضاعفات تكون عالية جدا، لكن رغم صعوبة العملية اتخذت قرارا بخوضها دون أن أوقف القلب عن النبض، استطعنا أن نزيل الإلتصاقات العالية بين القفص الصدري والقلب، استبدلنا الصمام بصمام ذات تقنية عالية يكفيها حتى مرحلة البلوغ، وإن احتاجت لا قدر الله في المستقبل أي صمام جديد بسبب عيب خلقي قد يصيبه، فبإمكاننا استبداله عبر القسطرة دون الحاجة لعملية رابعة”.
نسبة نجاح العملية كانت ضئيلة جدا، ونسبة الخطورة فيها أكثر من خمسين بالمئة، يوضح دكتور نزار خطورة هذه العملية:” من الممكن أثناء فتح القفص الصدري أن نجرح القلب، أو تجرح الشرايين التي تغذي القلب، وهذا يؤدي للوفاة فورا في حال لم نتدخل بسرعة عالية”.
شاهد بالفيديو:
أية التي كان الدم في جسدها لا يصل للرئة بشكل كاف، وكانت نسبة الأكسجين بدمها قليلة، الذي كان سيؤثر عليها مع مرور الوقت في فشل أعضاء جسدها الصغير، استيقظت بعد يوم من خروجها من العملية، وبعد يومين خرجت من غرفة الإنعاش، بات لون وجهها ورديا، فكان سابقا يميل الى اللون الأزرق بسبب نقص الأكسجين، باتت أكثر حيوية، وكما يقول المثل “مشى بعروقها الدم”، وبعد أسبوع عادت الى منزلها، وهي الآن في فترة نقاهة حتى بداية الشهر القادم.
عملية القلب النابض التي أجريت لأية اكتشفت عام 2010 ، وهي تعد تقنية جديدة ونادرة على مستوى الشرق الأوسط والعالم، وقد بدأ مستشفى المقاصد باستخدامها منذ العام 2014، ولأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تضمن هذه التقنية بقاء نبض القلب مستمرا أثناء سير العملية، مما يحمي المريض من انخفاض درجة حرارة جسمه إلى 18 مئوية، ويقيه من المضاعفات التي تصاحب العمليات التقليدية، كما تتجاوز نسبة نجاحها 90%، وسينظم المقاصد غذا احتفالية بمناسبة إنجاز 1000 عملية قلب مفتوح للأطفال بأيادٍ فلسطينية خلال الأربع سنوات الأخيرة.