الوضع المالي لأكبر مشافي المدينة المقدسة خطير وكارثي

القدس – 18/4/2020 وصف الدكتور هيثم الحسن مدير مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ورئيس قسم الجراحة فيه الوضع المالي للمستشفى منذ ظهر فيروس كورونا بـ”الوضع الخطير والكارثي بكل المقاييس”.
وقال الدكتور الحسن “أن مستشفى المقاصد أكبر مستشفيات مدينة القدس المحتلة، خسر ٨٠٪ من دخله منذ ظهور وباء كورونا، بسبب عدم تمكن المرضى من الضفة وغزة الوصول اليه، مؤكداً أن المستشفى غير جاهز لاستقبال حالات الكورونا وهو بحاجة لمعدات وأجهزة طبية كثيرة وأدوية غير متوفرة”.
وحمل الحسن سلطات الاحتلال مسؤولية الوضع الصعب الذي تعيشه مستشفيات مدينة القدس، وقال:”أن الاحتلال هو الملزم وفق القانون الدولي بتوفير المعدات والأجهزة الطبية والدواء للمقدسيين الواقعين تحت الاحتلال”.
واكد الحسن انه حتى اليوم لا يوجد أي مريض بفيروس كورونا في مستشفى المقاصد، وقال ان القسم المعد لاستقبال المصابين بالفيروس لم يكتمل ولم تصل المعدات والأدوية من الوزارة من أجل أن نكون جاهزين لاستقبال المصابين، ولكن وصلنا نحو ٨٠ مشتبه به لمحطة الفرز الأولى والمحطة الثانية للفرز قبل دخول المريض الى المستشفى أجرينا لهم الفحوصات وارسلنا العينات وخرجت النتائج جميعها والحمد لله سلبية”.
وأضاف:” ان انتشار الفيروس في القدس المحتلة بدأ يتسع ويتسارع، لدينا هنا في حي الطور حيث مقر المستشفى تم تسجيل ٥ حالات، وفي سلوان وفق الأرقام غير الرسمية هناك ٧١ حالة، وفي حي جبل المكبر ٣ حالات، لذلك المحيط الذي نحن فيه بدأت تظهر به الحالات ونحن نخشى ان يحدث انفجار مفاجئ وتتضاعف الحالات فوق طاقتنا، للفرز ولا علاج”.
وتابع يقول:” ان كل مريض بعد الفحص واخذ العينة بحاجة من ٦ الى ٩ ساعات حتى تظهر النتيجة، نحن نقوم بأرسال عينات الفحص للسلطة الفلسطينية، وقبل يومين قمنا بالاتفاق مع مستشفى هداسا، لاختصار المسافة والوقت لإجراء الفحوصات هناك.
وأشار الحسن الى ان مستشفى المقاصد لا يوجد لديه علاج لمصابي الكورونا، وأوضح:” ان الأجهزة التي تنقص مستشفى المقاصد لاستقبال الحالات، أجهزة تنفس مع شاشات مراقبة للمرضى، لدينا ٥ شاشات ونحتاج ١٧ شاشة مراقبة وكل مريض في القسم المكون من ٢٢سرير مخصصة لمرضى الكورونا يحتاج جهاز تنقيط السوائل والمحاليل الوريدية، ومضخات الادوية اللازمة، جهاز تردد الصدى للكشف عن ماء حول الرئة وجهاز تخطيط قلب خاص بالوحدة وجميع هذه المعدات غير متوفرة”.
واستدرك الحسن قائلاً :” لدينا جهاز تخطيط في المستشفى ولكن إذا تم إدخاله لقسم الكورونا لا نستطيع استعماله في المستشفى خوفاً من التلوث والعدوى، واي جهاز يتم إرساله لقسم الكورونا لا يجوز اعادته للمستشفى لأنه بحاجة لعملية تعقيم طويلة، واخذ جهاز التخطيط الوحيد يصبح المستشفى غير قادر على استقبال الحالات المرضية العادية غير الكورونا”.
وقال الحسن:” ان الوضع في المستشفى تأثر كثيراً بجائحة كورونا لدرجة ان المستشفى خسر ٨٠٪ من ايراداته نتيجة للوضع العام الناجم عن الفيروس، فمصاريف المستشفى كما هي ولكن الإيرادات انخفضت بشكل كبير نتيجة لعدم تمكن المرضى من الوصول الى المستشفى من قطاع غزة او الضفة الغربية”.
ووصف مدير مستشفى جمعية المقاصد الوضع بانه “كارثة مالية”، مضيفاً انه منذ شهرين تقريباً والوضع خطير وكارثي بكل المقاييس، ويتفاقم مع تردي الأوضاع الصحية والمالية وهذا لا يقتصر علينا فقط وانما مشابه لوضع مستشفى العيون في الشيخ جراح وغيرها من مستشفيات المدينة.
وأوضح الحسن:”انه نتيجة للأزمة المالية لدى الجميع كمواطنين ومؤسسات وسلطة وشركات وغيرها، الدائرة المالية للجميع تتأثر بشكل كبير وخاصة في القدس، بالرغم من ذلك تمكنا من الحصول على بعض العون من السلطة الوطنية خلال شهر شباط ٨٠٪ من المستحقات وقبل أيام حصلنا على ٣٠٪من مستحقاتنا، مما اجبرنا على تحويل ٢٠٪ فقط من رواتب الموظفين والكادر الطبي في المستشفى علماً اننا حولنا ٥٠٪ من الرواتب الشهر الماضي فقط.
واكد الدكتور الحسن ان خزينة مستشفى المقاصد لا يتوفر لديها مصاريف تشغيلية في هذه المرحلة، وقال:”الديون تتراكم وتحاصرنا فالمصاريف مثل الكهرباء والماء وشركات النظافة والموردين الذين لهم على المستشفى مبالغ هائلة وضريبة (الارنونا)، وغيرها من المصاريف التي يصعب حصرها الان والتي لا يمكن دفعها، ولكن هذه الديون لا يمكن تأجيل دفعها لفترة غير طويلة.
وتابع يقول:” انه بعد فترة سيتأثر العلاج وطريقة العلاج في المستشفى، وعلاوة على ذلك يأتي قانون الطوارئ الذي لا نستطيع في ظله تسريح موظفين، أي ان المصاريف التشغيلية ستبقى كما هي مرتفعة في وقت تراجعت الإيرادات الى ٨٠٪ كما أسلفنا”.
واكد الحسن أن الازمة الحالية لا حل لها إلا بتبرعات مالية سريعة تنقذ المستشفى الاكبر في مدينة القدس، فكل التبرعات التي تأتي لمستشفى المقاصد تبرعات عينية، وهناك ٢٢مؤسسة وعدتنا بالتبرع بأجهزة تنفس، والاحتمال الوارد ان يأتي ١٠٠جهاز تنفس، في الوقت الذي لا يوجد موظفين للعمل عليها.
وطالب الحسن الداعمين ان يعيدوا التفكير فيما يقدموه، وقال:” نحن بحاجة لمساعدات مالية عاجلة، فأحد البنوك تعهد بـ١٥٠ ألف بشرط ان تكون مواد عينية، نشكرهم ولكن نحن الان بحاجة لدفع رواتب وفواتير متراكمة، ولذلك لابد من التنويع في المساعدات للمستشفى.
ورداً على سؤال حول استعدادات مستشفى المقاصد لجائحة كورونا، قال الحسن:” نحن قمنا بكل الاستعدادات المطلوبة ووفرنا مناطق فرز وخصصنا جناح للعزل وجناح للعلاج بعيد عن المستشفى في منطقة معزولة الحمد لله”.
وأضاف ان هذا القسم الخاص بـ”الكورونا” يضم ٢٢ سريرا منها ٥ للعناية المركزة، والأخرى يمكن تحويلها الى اسرة عناية مركزة إذا لزم الامر وإذا توفر لنا عدد كافي من أجهزة التنفس الصناعي، ولكن حتى الان ما عندنا الدواء الخاصة، ولكن على الأقل تلك الادوية التي وردت في البروتوكول العالمي، وحتى المجموعات الأربعة التي وردت في البروتوكول الوطني غير متوفرة لدينا.
وحمل د. الحسن الاحتلال المسؤولية كونه الجهة المسؤولة عن تردي القطاع الصحي بشكل عام في مدينة القدس المحتلة، وقال ان المسؤولية الكبرى تقع على الاحتلال الذي يجب عليه توفير هذه الادوية، لأننا شعب تحت الاحتلال، وهو الذي يضغط ونحن نقولها بصراحة نحن غير جاهزين فنحن في مستشفى المقاصد بحاجة لمعدات وأدوية”.
وبخصوص المساعدة المالية الأوروبية التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي قال الحسن:” لقد توجهت للمسؤولين مباشرة فكان ردهم ان الدفعة الأولى المقرة منذ ٨ اشهر، قد تصلنا في نهاية الشهر الجاري، بين ٢٧/٤ الى ١٥/٥/٢٠٢٠ وقد تتأخر حتى نهاية الشهر ذاته. مضيفاً ان المساعدة الإضافية التي وعد الاتحاد الأوروبي بتقديمها لمستشفيات القدس، أكد انه لن تصرف قبل ٦ أشهر من اليوم.
وشدد الحسن على ان هذه المبالغ المقدمة من الاتحاد الأوروبي ليست منح وانما يتم احتسابها من فواتير وزارة الصحة الفلسطينية.
وعن حجم الديون المتراكمة على السلطة الوطنية الفلسطينية قال الحسن:”لمستشفى المقاصد ديون على وزارة الصحة الفلسطينية ٨٧ مليون شيكل حسب الكشوفات الخاصة بالمستشفى، وليس حسب كشوفاتهم لأنهم متأخرين ٣ شهور بتدقيق الفواتير وهناك فرق في الحسابات بيننا وبينهم ثلاثة أشهر. لذلك حتى نهاية شهر ٣ الماضي الديون ٧١ مليون شيكل هذا بالإضافة الى الخدمات الطبية العسكرية والتي بلغت فوترتها ١٦ مليون شيكل، ٨منها مدققة وموجودة في وزارة المالية، والـ٨ الباقية قيد التدقيق، أي ان مجموع الديون ٨٧مليون شيكل. مشيراً الى أن البنوك ترفض تقديم أي قروض وترفض سندات الحكومة بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد.
واكد ان الديون متراكمة على السلطة الوطنية الفلسطينية بصفة مزمنة ودائمة، وقال ان السلطة تعهدت بدفع ٧،٥مليون شيكل سلفة شهرية بدل الفواتير وكل ٣ او ٦ أشهر نقوم بعمل جرد حساب لدفع باقي المستحقات، فمنذ عام تقريباً لم يتم عمل جرد حساب ولم تسدد السلطة باقي المستحقات ولذلك الديون تراكمت بشكل بات يهدد خدمات المستشفى والعاملين فيه والخدمات المقدمة للمرضى.
واضاف انه منذ بداية الازمة المالية للسلطة دفعت ٥ مليون شيكل لمدة ثلاثة شهور بدل ٧،٥مليون شيكل، ثم دفعوا ٨٠٪ منها في شهر شباط و٣٠٪ الشهر الماضي.
وبين الحسن:” ان مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية يعتبر اكبر مستشفيات مدينة القدس المحتلة واحدثها، تم إنشاؤه في العام ١٩٦٨ مشتملا على ٦٠ سريرا، فيما استمر المستشفى بالتوسعة إلى أن تم ترخيص ٢٥٠ سريرا في الوقت الحالي، منها ٨٠ سرير عناية مركزة”، مؤكداً ان هذه الميزة جزء من العبء المالي الكبير والذي يمتد لعقود.
وتابع يقول:” ليصبح المقاصد المستشفى التحويلي الرئيسي للمجتمع الفلسطيني في القدس وسائر مناطق الضفة الغربية، وقطاع غزة، اضطرت إدارة المستشفى عبر السنين زيادة عدد الاسرة في قسم العناية المكثفة خدمة للبلد. منها ٣٠ سرير للأطفال الخدج، و١٢ سرير لقسم جراحة الأطفال الخدج، وهو قسم منفصل، ومنها ٩ اسرة لجراحة قلب الكبار، و١٢ سرير لأمراض القلب الحادة ومجموعها ٨٠ سرير”.
وأوضح الحسن ان المقاصد تضم كادر طبي كبير من ١٨٠ طبيب وطبيبة، و٤٧٠ ممرضا، وهو كادر طبي متخصص إذ يعتبر المستشفى معتمد كمستشفى تعليمي، يجري تدريب الأطباء الاخصائيين، (الأطباء المقيمين) ويتم تدريبهم للحصول على شهادة (البورد/ ممارسة التخصص) من الضفة وقطاع غزة وكافة المحافظات والكثير منهم يأخذون البورد العربي والبورد الأردني، وأشار الى ان المقاصد يضم ٨٢ طبيبا مقيما، وهو مستشفى تعليمي يقدم خدمات التدريب والاختصاص والبحث العلمي للأطباء المقيمين، وطلبة كلية الطب بالتعاون مع جامعة القدس.

شاهد أيضاً

جراحة قلب الأطفال بالمقاصد:استئصال ورم سرطاني من قلب رضيعة بعمر أسبوعين

بحجم 3 سم القدس المحتلة- 11.12.2019- يواصل المركز الفلسطيني لجراحة قلب الأطفال في مستشفى المقاصد …